بقاياي في أحدهم
أحب دائمًا أن أُرجِع نفسي ومن حولي، فأجد نفسي أكرر لفظًا أو كلمةً أو دعابة، وإذا بحثتُ خلفها وجدتها مما كان يقوله صديقٌ يومًا، حتى وإن لم نعد. مهارة أو معلومة، أجد أن مصدرها من أحدٍ ربما نسيتُ من هو أصلًا. وفي نظري، أجد من حولي يكررون كلماتي ولزماتي ومزاحي. أحب هذا، وأشعر أني أثّرتُ في أحدهم، لكني أفكر: هل بعد سنة، أو بعد أن نبتعد، سيتذكّر أن كلمته أخذها مني؟ هل سيظلّ يتذكّرني أصلًا؟ هل تركتُ أنا كشخصٍ أثرًا، أم تركه قولي؟ أم بعد مروري لن يكون لي وجود، كما قالوا في مثلٍ إفريقيّ قديم: «يوم نموت سيمحو النسيم الرقيق آثار أقدامنا على الرمال، وبعد أن يفنى النسيم، من يخبر الأبدية أننا مشينا هنا مرة في فجر الزمان؟» فيوم يمحو نسيم الأيام ذكرَنا من عقول أصحابنا، ويبقى بعضُنا في بعضٍ منهم، ويتلاشى البعض الآخر. من سيذكرنا؟