المقعد الفارغ

شعرت للحظة أن هناك أحدًا خرج من حياتي، شخصٌ ما كان حياتي تطعم به واختفى. ولكن هذا لما يحصل فعلاً، ما أفتقده هو شعور، هو نوع من أنواع الاطمئنان. هو كأني أسوق في طريق صحراوي طويل، بجانبي صديق نتناول أطراف الحديث، وكلامنا يصنع ضجيجًا محببًا للنفس رغم القحط المحيط بنا. وقطعنا مسافات طويلة، بدونه لكنت كالسنوات، وبه مرت كالدقائق، فالكلام يجر بعضه والضحكات تتعالى، ثم... اختفى، فإذا بي في الطريق وحدي مع مقعد فارغ، حتى بدون مسجل صوت يسليني، ولا شبكة هواتف لأكلم أحدًا. فإذا بي وسيارتي التي لا أدري إلى متى تستمر في الحركة، والطريق، الكثير من الطريق، طريق تشعر أنه أوله بداية العالم وآخره آخر العالم. وأنا أقود، لمَ أقود أصلاً؟ إلى أين أنا ذاهب؟ وحيد، مقطوع السبل، بلا هدف ولا هوية. فمن أنا أصلاً؟ هل أنا فقط أقود؟ لا حل لي إلا أن أكمل، لا أمل لي إلا في نهاية لا أدري كيف هي؟ هل أنا ضائع أم ثمل؟ هل كان يومًا هناك أحد بجانبي، أم كان الوضع كما هو عليه من البداية وأنا اختلقت الأمر كله؟ حقًا أسئلة لا يوجد من يجيب عنها، ليس للصعوبة، لأنه ليس هناك أحد.